منتديات قرية ودالأمين العركيين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاجتماعية الفكرية الثقافية


    التعامل النبوي مع غير المسلمين‏

    أبو أحمد
    أبو أحمد
    مشرف المنتدي التقني


    ذكر عدد المساهمات : 134
    تاريخ الميلاد : 26/10/1976
    تاريخ التسجيل : 29/10/2010
    العمر : 47
    المكان : السعودية
    المهنة : فني حاسب آلي

    التعامل النبوي مع غير المسلمين‏ Empty التعامل النبوي مع غير المسلمين‏

    مُساهمة من طرف أبو أحمد الأربعاء فبراير 16, 2011 11:53 am

    التعامل النبوي مع غير المسلمين‏
    تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني
    لعل من المهم أن ندرك طبيعة النظرة الإسلامية إلي النفس الإنسانية بصفة عامة‏;‏ لندرك كيف تناول المنهج الإسلامي قضية غير المسلمين وكيفية التعامل معهم‏,.
    وقد فصلت هذا الموضوع في كتابي‏ (فن التعامل النبوي مع غير المسلمين‏).‏إن النفس الإنسانية بصفة عامة مكرمة ومعظمة‏..‏ وهذا الأمر على إطلاقه‏,‏ وليس فيه استثناء بسبب لون أو جنس أو دين‏,‏ قال تعالي في كتابه‏:
    (‏ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا)[‏ الإسراء‏:70].‏

    وهذا التكريم عام وشامل للمسلمين وغير المسلمين‏;‏ فالجميع مفضل علي كثير من خلق الله عز وجل‏,‏ وقد انعكس هذا التكريم العام علي كل بند من بنود الشريعة الإسلامية‏,‏ وهذا واضح في آيات القرآن الكريم‏,‏ وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم‏,‏ وما أروع الموقف الذي علمنا إياه رسول الله‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ عندما مرت به جنازة يهودي‏!!‏

    فقد روي الإمام مسلم أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية‏,‏ فمرتبهما جنازة‏,‏ فقاما‏,‏ فقيل لهما‏:‏ إنها من أهل الأرض‏(‏ أي‏:‏ من مجوس فارس‏).‏ فقالا‏:‏ إن رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ مرت به جنازة فقام‏,‏ فقيل‏:‏ إنه يهودي‏,‏ فقال‏:'‏ أليست نفسا‏'.‏
    ألا ما أروع هذا الموقف حقا‏!!‏
    فقد زرع رسول الله‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ بهذا الموقف في نفوس المسلمين التقدير والاحترام لكل نفس إنسانية علي الإطلاق‏;‏ لأنه فعل ذلك وأمر به‏,‏ حتى بعد علمه أنه يهودي‏,‏ رغم أن اليهود رأوا الآيات ثم ليؤمنوا‏,‏ بل إنهم اعتدوا عليه‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ بشتى أنواع الاعتداءات المعنوية والمادية‏,‏ ومع هذا فإن رسول الله‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ يقف لجنازة رجل منهم ليس له فضيلة معينة‏.‏
    إنه الاحترام الحقيقي للنفس البشرية‏..‏

    ثم إن المسلم يعتقد أن الاختلاف بين الناس أمر حتمي‏!‏ يقول تعالي‏:
    (‏ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) [هود‏:118].‏

    وإذا علمت أن المسلم يعتقد أن الحساب يوم القيامة بيد الله‏-‏ عز وجل‏-‏وحده‏,‏ أدركت أن المسلم لا يفكر مطلقا في إجبار الآخرين علي اعتناق الإسلام‏,‏
    قال تعالي‏:[‏ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين‏],‏ يونس‏:99].‏

    فمهمة المسلم ببساطة أن يصل بدعوته نقية إلي غير المسلمين‏,‏ أما ردود أفعالهم تجاه هذه الدعوة فلا يسأل عنها المسلم ولا يحاسب عليها‏..‏
    قال تعالي‏:‏ (وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون‏*‏ الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون)‏ [الحج‏:69,68].‏

    من هذا المنطلق‏,‏ جاءت أوامر الشريعة الإسلامية الخاصة بالعدل والرحمة والألفة والتعارف‏,‏ وفضائل الأخلاق‏..‏ جاءت عامة تشمل المسلمين وغير المسلمين‏.‏

    ففي شريعتنا الإسلامية تجد قول الله عز وجل‏: (ولا تقتلوا النفس التي حرمالله إلا بالحق) الأنعام‏:151],‏
    والنهي هنا عام‏,‏ يشمل نفوس المسلمين وغير المسلمين‏;‏ فالعدل في الشريعة مطلق لا يتجزأ‏.‏

    وفي مسألة العفو قال الله‏-‏ عز وجل‏:‏ (وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنةعرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراءوالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) ‏[آل عمران‏:134,133].‏
    فالعفو من صفات المؤمن‏,‏ وهو عفو واسع يشمل‏'‏الناس‏'‏ كما ذكر ربنا سبحانه وتعالي‏.‏

    بل أكثر من كل ذلك‏;‏ أنه عندما ذكر سبحانه وتعالي أمر العدل المأمور به في الإسلام حض وأمر أن يكون العدل حتى مع من نكره من الناس‏!!‏

    قال تعالي‏:[‏ ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون‏][‏ المائدة‏:8].‏

    هذه النظرة غير المتناهية في الأخلاق تفسر لنا الأخلاق النبيلة التي كان عليها رسولنا‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-..‏ فقد كان متبعا للشرع في كل خطوة من خطوات حياته مع أنه في زمان ندرت فيه أخلاق الفرسان‏,‏ وعزت فيه طبائع النبلاء‏.‏

    ومع النظرة الإسلامية المتقبلة للاختلاف فإن الرسول‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ كان يرجو الإسلام حتى لألد أعدائه‏,‏ برغم شرورهم ومكائدهم‏;‏فيقول‏:'‏ اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك‏:‏ بأبي جهل‏,‏ أو بعمر بن الخطاب‏',‏ فكان أحبهما إلى الله عمر بن الخطاب‏.‏

    إن التاريخ الطويل من الصد عن سبيل الله‏,‏ وفتنة المسلمين عن دينهم‏,‏ لم يورث قلب رسول الله‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ شعورا بالانتقام‏,‏ أو الكيد أو التنكيل‏,‏ وإنما شعر بأنهم مرضي يحتاجون إلي طبيب‏;‏ فجاءت هذه الدعوة لهم بالهداية وبالعزة والنجاة‏;;‏ لذا كان يحزن حزنا شديدا إذا رفض إنسان أو قوم الإسلام‏,‏ حتى وصل الأمر إلى أن الله‏-‏ عز وجل‏-‏ نهاه عن هذا الحزن والأسى‏..‏

    قال تعالي يخاطبه‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-:[‏لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين‏] [‏الشعراء‏:3].‏
    ويقول أيضا‏:[فلا تذهب نفسك عليهم حسرات‏] [‏فاطر‏:8].‏

    ومع شدة هذا الحزن إلا أن الرسول‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ لم يجعله مبررا للضغط علي أحد ليقبل الإسلام‏,‏ وإنما جعل الآية الكريمة‏:[لا إكراه في الدين‏]‏ البقرة‏::256]‏ منهجا له في حياته‏,‏ فتحقق في حياته التوازن الرائع المعجز‏;‏ فيدعو إلي الحق الذي معه بكل قوة‏,‏ ولكنه لا يدفع أحدا إليه مكرها أبدا‏.‏

    إنها نظرة الرحمة والرعاية لا القهر أو التسلط‏..‏ وسبحان الذي رزقه‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ هذا الكمال في الأخلاق‏!‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 1:51 am