الأخوة في الله المحبة والصحبة
قال الله تعالى: [وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ] {الحجر:47}
قال الله تعالى: [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ] {الحجرات:10}
قال الله تعالى: [وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ] {الحشر:10}
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يثبتن الود لك في صدر أخيك: أن تبدأ بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه.
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجه: لا يكون الصديق صديقاً حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته.
وعنه رضي الله عنه: ثلاث يثبتن الود لك في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه.
قاله الخليفة المأمون: الإخوان على ثلاث طبقات:
طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه.
وطبقة كالدواء الذي يحتج إليه.
وطبقة كالنفس لا تمكن الحياة إلا به.
قال ابن المعتز:
إن الصديق له حقوق جاوزت حد القرابة للنسب الأقرب
وقال الشاعر:
أخ طاهر الاخلان عذب كأنه يزيد على الأيام فضل مودة | جنى لانحل ممزوجا بماء نمام وشده إخلاص ووعي ذمام |
قيل أن يوسف الصديق عليه السلام كتب على باب السجن لما خرج منه: "هذا قبر الأحياء وشماتة الأعداء وتجربة الأصدقاء".
قال الشاعر:
دعوى الإخاء في الرخاء كثيرة | بل في الشدائد تعرف الأخوان |
وقيل ثلاثة لا تعرف الأخ فيها شيء:
ذو البأس لا يعرف إلا عند اللقاء، وذو الأمانة لا يعر إلا عند الأخذ والعطاء والأخوان لا يعرفون إلا في النوائب.
وقال الشاعر بن برد:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً فعش واحداً أو صل أخاك فإنه إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى | صديقك لم تلق الذي تعاتبه مقارف ذنب مرةً أو مجانبه ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه |
قال بعض الحكماء: أصحب الناس بثلاثة: بالحذر ورفض الدالة، والاجتهاد في النصيحة، وقال أيضا أصحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالجهد والعامة بالبشر.
قالت العرب من أحبك نهاك ومن أبغضك أغراك.
قالوا لعيسى بن مريم عليه السلام: من نجالس؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في عملكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله.
دعاء
اللهم أعصمني حتى لا أعصيك وارزقني حتى لا أسأل غيرك ووفقني حتى لا أرجو سواك.
وقال الشاعر:
أبْلُ الرجال إذا أردت إخاءهم فإذا ظفرت بذي الأمانة منهم ومتى يزل – ولا محالة – زلة | وتوسمن أمورهم وتفقد فيه اليدين قرين عين فاشدد فعلى أخيك بفضل حكمك فـــاردد |
وقل قيل فقد الأخوان غربة.
قال الشافعي رحمه الله تعالى:
صَدِيقٌ لَيْسَ يَنْفَعُ يَوْمَ بُؤْسٍ وَمَا يَبْقَى الصَّدِيقُ بِكُلِّ عَصْرٍ عمرتُ الدَّهرَ ملتمساً بجهدي نكرتِ البلادُ ومن بجهدي | قَرِيبٌ مِنْ عَدُوٍّ في الْقِيَاسِ ولا الإخوانُ إلا للتآسي أخا ثقة ٍ فألهاني التماسي كَأنَّ أُنَاسَهَا لَيْسُوا بِنَاس |
قوال الشافعي رضي عنه تعالى:
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة َمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ فسَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا | فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا ويلقاهُ من بعدِ المودَّة ِ بالجفا وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا صديق صدوق صادق الوعد منصفا |
قال بعض الحكماء: ليس للعقلاء تنعم إلا بمردات الإخوان.
وقال آخر: الازدياد من الإخوان زيادة في الآجال وتوفير لحسن الحال.
قيل: أعجز الناس من فرط في طلب الإخوان.
قال الشاعر:
لعمرك ما حال الفتى بذخيرة | ولكن إخوان الثقات الذخائر |
وقال بعضهم: من لم يؤاخ من الإخوان إلا من لا عيب فيه قل صديقه ومن لم يرض من صديقه إلا بإيثاره إياه على نفسه ذم سخطه، ومن جانب على غير ذنب إخوانه كثر عدوه.
قال أيوب السختياني: إذا بلغني موت أخ لي فكأنما سقط عضو مني.
وقال أبو الجراح العقلي: وجدت أعراض الدنيا وذخائرها بعرض المتآلف (البلاء والفناء) إلا ذخيرة الأدب وعقيلة الخلة، فاستكثروا من الإخوان واستعصموا بعرا الأدب.
قال الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنها: من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب ثمان خصال: آية مُحكمة، وأخاً مُستفاداً، وعلماً مُستطرَفاً، ورحمةً منتظَره، وكلمةً تدله على هدى، أو تردعه عن ردى، وترك الذنوب حياءً، أو خشية.
قال علقمة بن لبيد العطاري لابنه: يا بني، إذا نزغتك
وقال بعضهم: إن أحب إخواني إلى من كثرت أياديه على وقال رجل في أخ له:
قال علقمة بن لَبيد العُطارِديّ لابنه:
يا بني! إذا نزغتك إلى صحبة الرجال حاجة؛ فاصحب منهم من: إن صحبته؛ زانك، وإن خدمته؛ صانك، وإن إصابتك خصاصة (الفقر والحاجة) مانك (أي أنفق عليك واحتمل مؤونتك وقام بكفايتك)، وإن قلتَ؛ صدَّق قولك، وإن صُلتَ؛ شد صولك، وإن مددت يدك بفضل؛ مدَّها، وإن رأى منك حسنة؛ عدَّها، وإن سألته؛ أعطاك، وإن سكتَّ عنه؛ ابتدأك، وإن نزلت بك إحدى الملمات؛ آساك، من لا يأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذُلك عند الحقائق، إن حاول حوِيلاً؛ آمرك، شارك، وإن تنازعتما منفساً (من النفس)، أترك (فضلك على نفسه).
وقال بعضهم: إن أحب إخواني إلى من كثرت أياديه عليَّ.
وقال رجل في أخ له:
وكنت إذا الشدائد أرهقتني يقوم لها وأقعد لا أقوم
وقال آخر:
أخ طالما سرني ذكره وكنت أغدو إلى قصره وكنت أراني غنيا به إذا جئته طالبا حاجة | فأصبحت أشجى لدى ذكره فصرت أغدو إلى قبره عن الناس لو مد في عمره فأمري يجوز على أمره |
قال ابن عباس: القرابة تُقْطَعُ والمعروف يُكْفَر ولم يُرَ كتقارب القلوب.
قال مجاهد: ثلاث بصفين لك رد أخيك: أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه وثلاث من العمى (الجهل): أن تعيب على الناس ما تأتي، وأن ترى من الناس ما يخفى عليك من نفسك، وأن تؤذي جليسك فيما لا يعنيك.
قال الشاعر:
إن كانت تبغي المرء أواصله فاعتبر الأرض بأشباهها | وشاهداً بخبر عن غائب وأعتبر الصاحب بالصاحب |
قال: بعض الحكماء:
الإخاء جوهرة رقيقة وهي ما لم توقها وتحرسها معرضة للآفات، فرض الإخاء بأكبر له حتى تصل إلى قربه، وبالكظم حتى يعتذر إليك من ظلمك، وبالرضى حتى لا تستكثر من نفسك الفضل ولا من أخيك التقصير.
ولعمر بن جميل التغلبي:
ما خير في صديقي إن جفاني فإن الحر بأنف في خلاء | على كل الأذى إلا الهوانا وإن حضر الجماعة أن يهانا |
قال سفيان الثوري (إذا أحب الرجل في الله ثم أحدث حدثاً فلم ببغضه فلم يحبه في الله).
قال الشاعر
ومن نكر الدنيا على الحر أن | يرى عدد له ما من صداقته بر |
وقال آخر:
المستجير بعمرو عند كربته | بالمستجير من الرمضاء وبالنار |
الإخوان أربعة:
القسم الأول: منهم من يعين ولا يستعين، ومنهم نم لا يعين ولا يستعين، ومنهم من يستعين ولا يعين ومنهم من يعين ويستعين.
سئل حكيم أن الرجال أفضل؟
قال: الرجل إذا حاورته وجدته حكيما، وإذا غضب كان حليما إذا ظفر كان كريما، إذا استمنح منح جسيماً، وإذا وعد ونى وإن كان الوعد عظيما، وإذا شكي إليه وجُد رحيما.