منتديات قرية ودالأمين العركيين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاجتماعية الفكرية الثقافية


    الحسبة في الإسلام

    أبو أحمد
    أبو أحمد
    مشرف المنتدي التقني


    ذكر عدد المساهمات : 134
    تاريخ الميلاد : 26/10/1976
    تاريخ التسجيل : 29/10/2010
    العمر : 47
    المكان : السعودية
    المهنة : فني حاسب آلي

    الحسبة في الإسلام Empty الحسبة في الإسلام

    مُساهمة من طرف أبو أحمد الجمعة فبراير 11, 2011 11:25 am

    الحسبة في الإسلام


    مفهوم الحسبة في الإسلام

    ولاية دينية يقوم ولى الأمر – الحاكم – بمقتضاها بتعيين من يتولى مهمة الأمر بالمعروف إذا أظهر الناس تركه، والنهي عن المنكر إذا أظهر الناس فعله، صيانة للمجتمع من الانحراف، وحماية للدين من الضياع، وتحقيقا لمصالح الناس الدينية والدنيوية وفقاً لشرع الله تعالى.

    العلاقة بين الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

    لقد أوجب الله تعالى على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب قدرته وعلمه ، قال الله تعالى: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان) وقد علمنا أن الحسبة ولاية دينية، أي أنها وظيفة رسمية من وظائف الدولة المسلمة تختص بأداء واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبهذا يتضح لنا أن الحسبة هي وسيلة رسمية للقيام بهذا الواجب.

    مجالات الحسبة

    يقوم نظام الحسبة في جوهره على حماية محارم الله تعالى أن تنتهك ، وصيانة أعراض الناس ، والمحافظة على المرافق العامة والأمن العام للمجتمع ، إضافة إلى الإشراف العام على الأسواق وأصحاب الحرف والصناعات وإلزامهم بضوابط الشرع في أعمالهم، ومتابعة مدى التزامهم بمقاييس الجودة في إنتاجهم ، وكل ذلك يتم بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص من وزارات ومؤسسات وغيرها .

    أهمية الحسبة في النظام الإسلامي

    يهدف الإسلام إلى خلق مجتمع آمن مستقر تسوده المحبة ويجتمع أفراده في التعاون على البر والتقوى، حتى يتمكن الجميع من القيام بواجب الخلافة في الأرض وتحقيق الغاية الأساسية من خلق الإنسان وهي عبادة الله تعالى، كما قال تعالى: ((وما خلقت الجن الإنس إلا ليعبدون)) ولأن الناس محتاجون دائما إلى نظام يسيرون على هديه، وسلطة تحرص على تحقيق هذا النظام في حياة الناس ، لزم أن يكون هناك من يذكر الناس بذلك ويتابع التزامهم به، ومن هنا جاءت أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    غايات الحسبة

    لقد جاءت الشريعة الإسلامية بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وأنها ترجح خير الخيرين، وتدفع شر الشرين، وتحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ، وتدفع أعظم المفسدين باحتمال أدناهما. وقد أمر الله تعالى عباده بأن يبذلوا غاية وسعهم في التزام الأصلح فالأصلح – واجتناب الأفسد فالأفسد ،وهذا هو الأساس الأكبر في التشريع الإسلامي : فإن مدار الشريعة على قوله تعالى : ((فاتقوا الله ما استطعتم)) ، المفسر لقوله تعالى: ((اتقوا الله حق تقاته)) وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)

    وعلى أن الواجب تحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ، ودفع أعظم المفسدين مع احتمال أدناهما هو المشروع . ثم إن مقصد الولايات الشرعية من خلافه وقضاء وحسبة وغيرها :

    أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فولاية الحسبة إنما جعلت لإصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبيناُ ، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا ، ولإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دينهم .

    والشريعة إنما جاءت بأحكام تحفظ على الناس الكليات الخمس أو المصالح العليا الخمس وهى : الدين والنفس والعقل والنسل والمال .

    فكل الأحكام الشرعية في هذا الخصوص إنما هي أوامر ونواهي للحفاظ على هذه الكليات، والحسبة إنما تسعى للتحقق من تطبيق هذه الأوامر والالتزام بالنواهي .

    ويمكن أن نفصل هذه الناحية للحسبة في أهداف أساسية فيما يلي :

    1- حماية دين الله تعالى بضمان تطبيقه في حياة الناس الخاصة والعامة وصيانته من التعطيل أو التبديل أو التحريف . فقد وكل إلى المحتسب حث الناس على الالتزام بأداء عبادتهم بكيفياتها الشرعية ومنعهم من التبديل والتحريف فيها ، كما أنه يمنع البدع في الدين ويحاربها ويوقع العقاب على مرتكبيها . فالمحتسب يهتم بكل ما يتعلق بالدين ويسعى لإحيائه وتمكينه .

    2- تهيئة المجتمع الصالح بتدعيم الفضائل وأنمائها ، ومحاربة الرذائل وإخمادها . فالمحتسب يمنع المنكرات الظاهرة ويعاقب مرتكبيها إن كان مما يوكل إليه العقاب فيه ، أو يرفعه إلى القضاء إن كان مما يختص القاضي بالفصل فيه .

    كما أنه يتتبع مواطن الريب والشبهة فيمنع وقوع المنكرات فيها مثل مواطن اختلاط الرجال بالنساء ، والأماكن التي يرتادها أهل الشك والريب .

    3-إعداد المؤمن الصالح المهتم بقضايا مجتمعه ، وحماية مصالحه. ذلك أن الإسلام جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً على كل مسلم ، حتى لا يرى منكراً قد ارتكب فيسكت عنه، أو يرى معروفاً ترك فيتواطأ على الترك .

    فإذا قام بذلك كان أدعى إلى أن يأتي هو ذاته المعروف الذي أمر به وينتهى عن المنكر الذي نهى عنه غيره ، لذا قال الله تعالى: ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)) ومن جانب آخر فإن الحسبة- وهي الحد الرسمي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – تؤمن لأفراد المجتمع المتابعة الدائمة لأنشطتهم بتدعيم الصالح منهما وتعزيزه ، ومحاربة الفاسد منها والزجر منه .

    4-بناء الضمير الاجتماعي – الوازع الجماعي – الذي يحول دون هتك مبادئ المجتمع المسلم وقواعده وآدابه العامة وأعرافه ، ذلك أن للبيئة الاجتماعية أهمية قصوى في سلوك أفراد المجتمع ، فإذا كان للمجتمع قواعد مرعية وآداب محفوظة ومبادئ محمية من سلطاته صعب على العصاة الخروج عليها ، وتربي في أنفسهم الحياء من مخالفة المجتمع والخروج عليه.

    أما إن كانت هذه المبادئ والقواعد منتهكة من غالب أفراد المجتمع، ولم تكن هناك سلطة تسعى للحفاظ عليها ، بحجة أن تلك الأمور من الشئون الخاصة ، سهل على الأفراد الخوض في المنكرات ، بل إن العصاة يغرون الصالحين بسلوك نهجهم ، لأن الناس يحبون التشبه ببعضهم بعضاً ، لذا قال الله تعالى: ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) وأمر الله تعالى أن تكون العقوبات الشرعية علنية حتى يتعظ الناس بعذاب غيرهم ، فقال بعد أن ذكر عقاب الزناة : ((وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)) كما أمر النساء بالحجاب وعدم إبداء الزينة لغير المحارم ، بل وأمرهن بعدم التلين في الكلام بما يثير الرجال ، ثم بعد ذلك كله أمر كلا من الرجال والنساء بغض البصر منعاً للفتنة المثيرة للشهوة

    5-استقامة الموازين الاجتماعية واتزان المفاهيم واستقرارها حتى لا ينقلب المنكر معروفاً والمعروف منكراً. لذا نجد أن من أشد الأمور خطورة انتشار المنكرات ثم تواطؤ المجتمع على السكوت عنها ثم قبولها أخيرا! فإذا بلغت المنكرات درجة القبول عند الناس، وذلك بأن يروها أموراً معتادة لا حاجة لاستنكارها فضلاً عن الإنكار على مرتكبيها ، إذا بلغ الحال إلى هذا الحد ، فإن المجتمع يفقد موازينه المستقيمة وتذوب مفاهيمه الصحيحة لكل القيم الفضيلة ، وعندئذ يعجز كل قانون عن التأثير في الناس ولا سيما القوانين الوضعية التي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الحريات الشخصية .فلو نظرنا إلى كثير من المجتمعات الإباحية نجد أن الأمور قد انفلتت من يد السلطات إذ أصبح المجتمع لا يستنكر سلوك الانحراف والشذوذ،والسلطة لا تقدر على محاربة الرذائل والمخدرات والجرائم التي يعتدى فيها على حرمات الناس .

    بينما نجد المجتمعات الإسلامية –على وجه العموم- لا تزال تحتفظ بأصولها ومبادئها ، مما يجعل السلوك الانحرافي والشذوذ والخروج على قيم المجتمع أموراً مستقبحة ومستنكرة من عامة الناس .

    6-دفع العقاب العام من الله تعالى، ومنع حالات الفساد الجماعي ذلك أن فشو المنكرات وظهور الفساد يستحق العقاب من وجهين:

    الأول : أن ارتكاب تلك المنكرات موجب للعقاب.

    الثاني : إن السكوت عن هذه المنكرات من غير أصحابها موجب أخر للعقاب ، لذا قال الله تعالى محذراً هذه الأمة أن تسكت عن المنكر: ((واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)) وذلك حتى لا يقع لهم مثل ما وقع لمن قبلهم ، الذين حكى الله تعالى حالهم في قوله: (( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون . كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون أن يغيروا ولا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب)

    7- تحقيق وصف الخيرية للأمة، كما قال الله تعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) وذلك لأن صلاح المعاش والمعاد إنما يكون بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لا يتم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس . وما تمت هذه الخيرية إلا بعد تحقيق الصفات المذكورة في الآية وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله ، فمن اتصف بهذه الصفات من هذه الأمة دخل في هذا المدح ، كما قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه في حجة حجها فرأى من الناس منكراً فقرأ (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ثم قال: (من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها)

    الحسـبة في الإسلام نظام فعّال

    إن نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية يعد وظيفة أساسية للرسول صلى الله عليه وسلم ولجميع أفراد أمته من بعده ، ذلك لما له من أهمية قصوى في الحفاظ على الكيان الاجتماعي للمسلمين ، فهو الوسيلة الأولى لتحقيق خلافة الإنسان على الأرض وإصلاحها للبشرية جمعاء ، لذا فقد وضع له الإسلام أسساً تضمن فعاليته في المجتمع ويمكن أجمال تلك الأسس فيما يلي :

    1- إن الله تعالى جعل ذلك واجباً دينياً على كل فرد من أفراد المجتمع بحسب موقعه وقدرته . قال الله تعالى : (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) وقال صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )

    2- إضافة إلى كونه واجباً على الأفراد ، فقد جعله الله تعالى واجباً دينياً ومهمة أساسية للدولة المسلمة ، تتوقف صلاحيتها للاستمرار في قيادة الأمة على القيام بهذا الواجب، قال الله تعالى : (( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ))

    3- لكي تتحد مسؤولية الدولة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد وضع له نظاما محدداً وولاية خاصة هي ولاية الحسبة ، يقوم عليها أشخاص يختارون لها اختياراً دقيقاً وفق شروط واضحة ، حتى يتم الإشراف عليهم من قبل الدولة .

    4- حتى تزداد فعالية هذا الواجب –الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر –فقد ربط الشرع بين مهمته ورعاية مصالح الناس ، حيث جعل الغاية منه تحقيق ما يصلح للناس معاشهم ومعادهم بالحفاظ على المنافع وتنميتها ومحاربة المضار وإخمادها . لذا قال الله تعالى : ((ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين))

    صفـات المحتسب

    يشترط فيمن يختار الإمام لمنصب الحسبة أن تتوفر فيه صفات أساسية حتى يضمن حسن قيامه بواجبه وتؤتي مهمته ثمارها في الحفاظ على المجتمع وصيانته من المنكرات وفشوها ، وأهم تلك الصفات هي :

    أولاً : الإخلاص والتجرد : فالمحتسب يقوم بواجبه امتثالاً لأمر الشارع له ، فيجب أن لا تكون له مصلحة شخصية فيما يأمر أو ينهي عنه وإنما تكون غايته الإصلاح ، كما قال الله تعالى على لسان شعيب عليه السلام : (( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب))

    ثانياً : العلم والحكمة : ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي لذا يجب على من يقوم به أن يكون عالماً بمواضع الأمر والإنكار ، وحكيماً في ذلك حتى لا يكون فعله للفساد أقرب منه للصلاح . قال الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم : ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) وقال تعالى : ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن))

    ثـالثاً: الرفق والحلم: فالمحتـسب ليس منتقماً لنفسه، ولا قاصدا إيذاء فاعل المنكر، وإنما غايته حمله على ترك المنكر، لذا وجب عليه أن يأخذه بالرفق والحلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه) وقال تعالى واصفاً الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)) وقال تعالى آمراً موسى وهارون لما بعثهما إلى الطاغية فرعون: ((فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى)) فإذا كان الله تعالى قد أمر اللين مع فرعون ــ وهو قد ادعى الألوهية ــ فبغيره أولى وأحرى.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 6:12 am